أشعةُ الشمس: زيارة إلى مخيم الزعتري للاجئين


يُعدُّ مخيم الزعتري، الذي افتُتح في يوليو 2012 في شمالي الأردن، أكبر مخيم للاجئين السوريين في العالم. وعلى الرغم من صعوبة الحصول على إحصاءات دقيقة، إلا أن عدد سكانه يبلغ نحو80,000  لاجئ أجبروا على مغادرة بلدهم نتيجة الصراعات المحتدمة فيه.

في العام 2020، بيّنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن أكثر من نصف سكان المخيم تقل أعمارهم عن 18 عاماً، وخُمسهم تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاماً، وأُلحقَ ما يزيد قليلاً على 19,000 طفل في 32 مدرسة، ويتولى 58 مركزاً مجتمعياً مسؤولية إدارة الأنشطة.

اعتماداً على هذه الإحصاءات، توجّه وفدٌ من مؤسسة كلمات لزيارة مخيم الزعتري في سبتمبر 2019 وتبرّع للأطفال بعشرين مكتبة تضم 2,000 كتاب ضمن برنامج مبادرة "تَبَنَّ مكتبة". بالتوازي مع ذلك، جرى وضع جدول زمني في المخيم لتحديد تواريخ وصول الكتب بالتعاون مع المراكز المجتمعية، وشمل ذلك تنظيم سلسلة من الجلسات القرائية أدراها موظفون من المؤسسة، إلى جانب عدد من ورش العمل والأنشطة الترفيهية والتعليمية المخصصة للأطفال واليافعين.

هذه المناسبة التي تندرج ضمن الفعاليات الاحتفالية أتاحت الفرصة لزيارة إحدى مدارس المخيم، حيث قدمت مجموعة تضم 10 راقصات باليه ناشئات لوحة فنية متميزة، ودخلنَ ساحة العرض عبر عدد من الأبواب في ثياب بيضاء وتنانير صفراء مع ابتسامات مشرقة وسعيدة ترتسمُ علي وجوههنّ، وكأنّ كل فتاة منهنّ تجسّذُ شعاعاً من أشعة الشمس الساطعة. وبينما كُنّ يتراقصنَ على الأنغام الجميلة ويمددن أذرعهنّ إلى الداخل والخارج.. سادت لحظة مؤثرة أذابت مشاعر الحزن والكآبة واستبدلتها بأحاسيس يملؤها الفرح والبهجة والسعادة.

بعد انتهاء العرض، اجتمعت راقصات الباليه بفريق "كلمات" داخل حجرة التدريس، وكانت ملامحهنّ تتألقُ بأنوار الفرح والسعادة بهجةً بأزيائهنّ البراقة وبما قدّمنه من شخصيات منحتهنّ الشعور بأنهنّ نجمات حقيقيات في عالم التمثيل. وبعد تسليمهنّ هدايا الكتب، وبينما كْنّ يتحدثن بشغف بالغ عن الشخصيات التي جسّدنها في العرض، خرجت إحداهنّ مسرعةً من مقعدها لتطلب وبثقة كبيرة تأييد إحدى السيدات في فريق "كلمات"، قائلةً وهي تشير بيدها نحو صورة لفتاة صغيرة جميلة على الصفحة: "آنستي.. ألا تظنين أنني أشبهها إلى حدٍّ بعيد؟". في تلك اللحظة، وعن غير قصد، طار الكتاب من بين يديها في الهواء ليسقط على الأرض. لم تتمالك راقصة الباليه الصغيرة نفسها من الضحك من شدة حماستها، ما دفع الجميع إلى مشاركتها في لحظة تمثل السعادة الخالصة بأبسط الأشياء. هذه السعادة، وهذا الشعور بالبهجة، هو أجمل ما استجلبته الكتب الجديدة إلى هذه القلوب الصغيرة.

Close Bitnami banner
Bitnami