أبجدية السعادة


البرازيل؛ التي طالما استقبلت المهاجرين من منطقة الشرق الأوسط في القرن التاسع عشر، عملت في العام 2013 على تسهيل طلبات الإقامة للسوريين والجنسيات الأخرى التي أجبرتها الصراعات والحروب على الفرار ومغادرة بلدانهم. ووفقاً لإحصاءٍ أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العام 2020 تبيّنَ أن عدد اللاجئين في البرازيل تجاوز3,800  لاجئ وهناك نحو 4,300 طالب لجوء.

تبعاً لذلك، توجّه العديد من هؤلاء المهاجرين نحو مدينة ساو باولو التي تضم أكبر كثافة بشرية في البرازيل (12 مليون نسمة) ليبدؤوا رحلة البحث عن حياة جديدة، ويواجهوا تحديات الاندماج في مجتمع جديد وثقافة مختلفة، وفي الوقت نفسه محاولة الحفاظ على انتمائهم لأوطانهم وارتباطهم بموروثهم الثقافي.

ضمن هذا المشهد، زار وفدٌ من مؤسسة كلمات مدينة ساو باولو في أبريل 2018 للتبرع بمجموعة من الكتب ضمن مبادرة "تَبَنَّ مكتبة"، وتوجه الوفد إلى مكتبة ساو باولو في منتزه "جوفنتود" شمالي المدينة، وحضر الفعالية مجموعة كبيرة من اليافعين والأطفال مع عائلاتهم ممن وصلوا حديثاً إلى البرازيل من منطقة الشرق الأوسط.

عُمر كان أحد أولئك الأطفال، والذي سرعان ما أبدى اهتماماً بالغاً بكتاب تعليم الأبجدية العربية، لدرجة أنه حين آن وقت تسليم الكتاب قبل مغادرته المكان، أطلق صرخة غضب مدوّية تردّدَ صداها في جميع أنحاء القاعة وفرضت صمتاً مُطبقاً على أرجاء المكان! لم يكن عُمر هنا مستعداً للتخلي عن كنزه الصغير، وذكرت والدته أنهم أتوا من Lar Sírio Pró Infância (مركز إيواء للاجئين السوريين) لا تتوافر فيه الكتب.

إلا أن الحظ ابتسم لعُمر؛ فقد صادف أن كانت هناك مكتبة ثانية للتبرع بالكتب تابعة لمؤسسة كلمات. وتفاعلاً مع هذا الموقف، أدرج أعضاء الفريق هذا المركز ضمن خط سير المكتبة، وفي يومهم الأخير في البرازيل أحضروا الكتب معهم إلى المركز.

كان شغف عُمر بذلك الكتاب دافعاً للمؤسسة لتقديم 100 كتاب باللغة العربية. هذه الخطوة أسهمت إلى حدّ بعيد في نشر الثقافة العربية بين أطفال المركز وتشجيعهم على تعلمها وترسيخ ارتباطهم بجذورهم الثقافية.

Close Bitnami banner
Bitnami